قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فإن أهل الحق والسنة ؛ لا يكون متبوعهم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر ، وطاعته في كل ما أمر ، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة ، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فمن جعل شخصًا من الأشخاص غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحبه ووافقه كان من أهل السنة والجماعة ، ومن خالفه كان من أهل البدعة والفرقة - كما يوجد ذلك في الطوائف من اتباع أئمة في الكلام في الدين وغير ذلك - كان من أهل البدع والضلال والتفرق .
وبهذا يتبين : أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية : أهل الحديث والسنة ، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله ، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها ، وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها واتباعًا لها ، تصديقًا وعملاً وحبًا وموالاةً لمن والاها ، ومعاداة لمن عادها ، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة ، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم ، وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل يجعلون ما بعث به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه .
وما تنازع فيه الناس من مسائل : الصفات ، والقدر ، والوعيد ، والأسماء ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله ، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف ، فما كان من معانيها موافقًا للكتاب والسنة أثبتوه ، وما كان منها مخالفًا للكتاب والسنة أبطلوه ، ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس ، فإن اتباع الظن جهل ، واتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم .
مجموع الفتاوى : (3/347)